مذكرة في المخطوطات

المقدمة:

لم تعن أمة من الأمم بالكتاب عناية العرب والمسلمين به، ولم يخلف قوم من الأقوام تراثا ضخما من الكتب المخطوطة كما خلفوا هم، والتي لم تتوفر لسواهم، ولا في لغة من لغات البشر لأنهم أحبو الكتاب وتأليفه واقتناءه وصونه، ولأن هذه اللغة هي لغة القرآن ولغة العبادة، وهو ما كتب لها البقاء والخلود.

ولا يخفى على أحد من العارفين أن آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، دعت إلى طلب العلم والحرص عليه والتمسك به، وإلى التفكير واستخدام العقل، وقد رفع الله سبحانه وتعالى من قدر العلم والعلماء، فقال سبحانه: ﴿ قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾ ـ الزمر.9 ـ، والرسول عليه الصلاة و السلام كان يحض على طلب العلم ويرغب فيه، بل وقد جعله فريضة من الفرائض، فقال عليه الصلاة والسلام: « طلب العلم فريضة على كل مسلم » ـ ابن ماجة. 1/5 ـ.

ولأجل هذه المنزلة والمكانة الرفيعة أقبل المسلمون من كل الأقطار والأمصار على طلب العلم والاغتراف منه، فأضحوا يؤلفون ويكتبون ويقرأون، فخلفوا لنا بذلك تراثا فكريا وحضاريا تمثل في المخطوط، هذا الخير الذي تجلت من خلاله أسمى معالم الفكر الإنساني في القديم، وأبرز تحدياته العلمية والمعرفية، والصورة العاكسة لأفكاره وثقافته، والأداة المثلى التي تحوي تراث القدامى الأولين الذين جعلوا من هذا الموروث ترجمة لأعمالهم اليومية، ولقد كان المخطوط ولا يزال بمثابة الصلة بين الماضي والحاضر، والسفينة التي بدأت رحلتها من الماضي وهي تبحر بك اليوم في وقائع الحاضر.

وقد شهدت الجزائر كغيرها من تلك الأقطار، حركة علمية كبيرة في مختلف أنحائها وأرجائها، تمثلت في تدوين وتأليف ونسخ المخطوطات، ومن بين هذه المناطق، منطقة توات المتميزة بتاريخها وأصالتها وماضيها العريق، وبعلومها التي أجاد فيها علماؤها، خاصة خلال الفترة الممتدة بين القرنين 11- 14هـ ، القرنين 17-20 م، ويشهد على ذلك خزائنها المليئة بالمخطوطات الناذرة والثمينة المتناثرة في ربوعها.

الإشكالية:

خصت منطقة توات خلال الفترة الزمنية الممتدة بين القرنين 11-14 هـ، بحركة علمية كبيرة من تدوين وتأليف ونسخ المخطوطات، لم تشهدها مثيلاتها من المناطق والأقاليم المتناثرة في هذا الوطن الشاسع، لكن هذه الثورة العلمية التي عرفتها لم تأتي من عدم، بل تجمعت أسباب عدة وعوامل عديدة، أدت إلى هذا الزخم المعرفي الكبير.

- ما هي العوامل التي ساهمت في كتابة المخطوط في منطقة توات فيما بين القرنين 11-14 هـ، 17- 20 م.

· هل ساهم أعلام هذا الإقليم من مؤلفين وناسخين وغيرهم في إثراء خزائن المخطوطات.

· هل كان لخزائن المخطوطات المنتشرة في المنطقة دور كبير وبارز في الإسهام في الحفاظ على هذا التراث.

· فيما تتمثل الصعوبات أو المعوقات التي تعاني منها خزائن المخطوطات بالمنطقة.

الفرضيات:

· هناك عوامل عديدة ساهمت في كتابة المخطوط في منطقة توات مابين القرنين 11-14 هـ، 17-20 م.

· ساهم أعلام المنطقة في إثراء وإغناء الخزائن بنتاجهم الفكري في مختلف العلوم.

· لعبت الخزائن دورا هاما في حفظ التراث وصيانته وتبليغه للأجيال المتلاحقة.

منهجية البحث:

لأجل الوصول إلى الأهداف المسطرة في معالجة بحثنا هذا، استعملنا المنهج الوصفي في تجميع مختلف المعلومات المتوفرة في المصادر ومحاولة تحليلها، وكذا استعملنا الملاحظة في الدراسة الميدانية لخزانة كوسام للمخطوطات، والزاوية الأثرية البكرية بأدرار، وعليه فقد قسمناه إلى ثلاثة فصول، بدأناها بمقدمة شملت الإشكالية والفرضيات.

الفصل الأول، تضمن خمسة مباحث، في المبحث الأول تطرقنا إلى ماهية المخطوطات، وعرفناها لغة واصطلاحا، وفي المبحث الثاني عرفنا أهم المصطلحات المتعلقة بالمخطوط، ثم تناولنا التعريف بمنطقة توات في المبحث الثالث، أما في المبحث الرابع فتطرقنا إلى الفترة الزمنية خلال ظهور وازدهار كتابة المخطوط، التي تمتد من القرن 11- 14 هـ، وفي المبحث الخامس عرجنا على أهم الخزائن والمخطوطات، وأبرز مؤلفيها وناسخيها.

أما الفصل الثاني، فقد تضمن العوامل التي ساهمت في كتابة المخطوط، منها العوامل الجغرافية، السياسية، الدينية والثقافية.

وفي الفصل الثالث، تطرقنا إلى الجانب التطبيقي، والذي تمثل قي دراسة وصفية لخزانتين للمخطوطات بالمنطقة، هما خزانة كوسام للمخطوطات، والخزانة الأثرية للزاوية البكرية، وأنهينا هذا الفصل بفهرسة المخطوطات في الخزانتين، ومصدرها، وأهم الناسخين.

ثم انتهينا إلى خاتمة البحث التي تضمنت بعض النتائج التي توصلنا إليها.

أهداف الدراسة:

أ) أهداف ذاتية:

§ لفت الانتباه إلى المنطقة باعتبارها جزء من الوطن الذي ننتمي إليه.

§ باعتبارنا متخصصين في علم المكتبات، كان ضروريا إرضاء الفضول الذي انتابنا حول الموضوع.

§ التعلق والحب الشديد لهذا الميدان واستكشافه.

ب) أهداف موضوعية:

§ التعريف بالتراث الكبير من المخطوطات في هذه المنطقة ومختلف العلوم التي تدارسوها.

§ التطرق إلى بعض الأعلام الذين كان لهم الفضل في التأليف والحفاظ على هذه المخطوطات.

§ إبراز القيمة الحقيقية للمخطوطات، والتي أسالت لعاب العديد من الباحثين للإطلاع عليها، وإزاحة الغبار عن هذا التراث الفكري الهام.

صعوبات الدراسة:

أثناء قيامنا بهذه الدراسة واجهتنا عدة مشاكل وصعوبات، من بينها قلة المراجع التي تعالج هذا الموضوع، خاصة المصادر التي تدرس منطقة توات والمخطوطات التي تتواجد بها، وأيضا بعد المسافة بين الخزانتين، وصعوبة التنقل بينهما।

و لمزيد من المعلومات راسيلونا على البريد الالكتروني التالي:

aslafi@hotmail.fr